أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة بعنوان : حسن العشرة وحفظها ، للدكتور خالد بدير

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : حسن العشرة وحفظها ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 19 رجب 1444هـ ، الموافق 10 فبراير 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 فبراير 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : حسن العشرة وحفظها :

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 فبراير 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : حسن العشرة وحفظها ، بصيغة word  أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 فبراير 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : حسن العشرة وحفظها ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 10 فبراير 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : حسن العشرة وحفظها : كما يلي:

 

أولًا: منزلةُ حسنِ العشرةِ في الإسلامِ.

ثانيًا: حسنُ العشرةِ وحفظُهَا صورٌ ومظاهر.

ثالثًا: حاجتُنَا إلى حسنِ العشرةِ وحفظِهَا.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة  10 فبراير 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : حسن العشرة وحفظها : كما يلي:

خطبةُ بعنوان: حسنُ العشرةِ وحفظُهَا بتاريخ: 19 رجب 1444هـ – 10 فبراير 2023م

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : حسن العشرة وحفظها

أولًا: منزلةُ حسنِ العشرةِ في الإسلامِ.

مِن أهمِّ الأخلاقِ التي حثَّ عليهَا دينُنَا الحنيفُ حسنَ العشرةِ وحفظهَا ومقابلةَ الإحسانِ بالإحسانِ، والمكافأةَ للمعروفِ بمثلِهِ أو أحسن منهُ والدعاءَ لصاحبهِ، قال اللهُ تعالى: {وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (القصص: 771)، وقال تعالى: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (الرحمن: 60).

ولقد ضربَ لنَا رسولُ اللهِ ﷺ أروعَ الأمثلةِ في حسنِ العشرةِ وحفظِهَا قبلَ البعثةِ وبعدَهَا، وقد شهدَ له العدوُّ قبلَ القريبِ، ونحن نعلمُ قولَ السيدةِ خديجةَ فيهِ لمَّا نزلَ عليهِ الوحيُ وجاءَ يرجفُ فؤادُهُ:” كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ”. ( متفق عليه ). بل إنَّ الرسولَ ﷺ  كان مشهورًا وملقبًا في قريشٍ قبلَ البعثةِ بالصادقِ الأمينِ، وأمَّا بعدَ البعثةِ فقد شهدَ لهُ ربُّهُ بقولِهِ : { ﻭَﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﻌَﻠَﻰ ﺧُﻠُﻖٍ ﻋَﻈِﻴﻢٍ }(القلم: 4 ).

وقد تواترتْ النصوصُ قرآنًا وسنةً تؤكدُ حسنَ العشرةِ وحفظهَا ولا سيّمَا بينَ الأزواجِ، قالَ تَعَالَى: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا }. ( النساء: 19).

 ويقولُ الرسولِ ﷺ: ” خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي” .(الترمذي وحسنه).

وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِل اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: ” تَقَدَّمُوا ” فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ لِي: ” تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ ” فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ، فَسَكَتَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ، خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: ” تَقَدَّمُوا ” فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ: ” تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ ” فَسَابَقْتُهُ، فَسَبَقَنِي، فَجَعَلَ يَضْحَكُ، وَهُوَ يَقُولُ: ” هَذِهِ بِتِلْكَ “. ( أحمد بسند جيد).

ففي هذا الحَديثِ: تَواضُعُ النَّبيِّ ﷺ ولُطْفُه مع أَهْلِه، وبيانُ ما كان عليه مِنْ حُسْنِ العِشْرةِ.

فحسنُ العشرةِ  مبدأٌ أصيلٌ مِن المبادئِ الإسلاميةِ، لا يقتصرُ على الزوجينِ فقط بل يشملٌ جميعَ أطيافِ المجتمعِ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : حسن العشرة وحفظها

ثانيًا: حسنُ العشرةِ وحفظُهَا صورٌ ومظاهر.

لحسنِ العشرةِ وحفظِهَا صورٌ ومظاهر كثيرةٌ، مِن أهمِّهَا :

حسنُ العشرةِ والوفاءُ بينَ الأزواجِ: قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ” (متفق عليه). فحسنُ العشرةِ بينَ الزوجينِ، يجعلُ الأسرَ مستقرةً، والبيوتَ مطمئنةً، فيكونُ رابطُ الوفاءِ بينهمَا في حالِ الشدةِ والرخاءِ، وفي العسرِ واليسرِ.

وما أجملَ حسنَ العشرةِ ووفاءَ الرسولِ ﷺ لزوجهِ خديجةَ، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأَيْتُهَا، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ، فَيَقُولُ «إِنَّهَا كَانَتْ، وَكَانَتْ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ». (البخاري) .

وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ: لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَنْتِ؟» قَالَتْ: أَنَا جَثَّامَةُ الْمُزَنِيَّةُ، فَقَالَ: «بَلْ أَنْتِ حَسَّانَةُ الْمُزَنِيَّةُ، كَيْفَ أَنْتُمْ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا؟» قَالَتْ: بِخَيْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجَتْ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُقْبِلُ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ هَذَا الْإِقْبَالَ؟ فَقَالَ: «إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ».(الحاكم وصححه ووافقه الذهبي).

قال ابنُ حجرٍ -رحمهُ اللهُ-: “كانتْ حريصةً على رضَاه بكلِّ مُمكنٍ، ولم يصدُرْ منها ما يُغضبُهُ قط”. فقابَلَ رسولُ اللهِ ﷺ وفاءَهِا بوفاءٍ أعظمَ منه، فكان في إحسَانِهَا يشكُرُهَا، وظلَّ بعدَ موتِهَا يُكثِرُ ذكرَهَا ويقولُ عنهَا: “إني رُزِقتُ حبَّها”.( مسلم). قال النوويُّ “في هذا كلِّهِ دليلٌ لحُسنِ العهدِ وحفظِ الوُدِّ، ورعايةِ حُرمةِ الصاحبِ والعشيرِ في حياتهِ وبعدَ وفاتهِ، وإكرامِ أهلِ ذلك الصاحبِ”. ( شرح النووي على مسلم).

تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : حسن العشرة وحفظها

ومنها: حسنُ العشرةِ مع الوالدينِ: فالوالدانِ اللذانِ تعبَا مِن أجلِكَ بينَ حملٍ ورضاعةٍ وسهرٍ وتعبٍ ونصبٍ وسعيٍ على تربيتِكَ، وأفنَي كلٌّ منهمَا حياتَهُ مِن أجلِ بقائِكَ، فالواجبُ عليكَ أنْ تردَّ لهم هذا الجميلَ عندَ كبرِهِمَا وضعفِهِمَا، لكنْ للأسفِ الكلُّ يتأففُ ويتأذَّى ويتضجرُ مِن والديهِ في كبرِهِمَا ؛ بل ويتمنَّى موتهمَا حتى يستريحَ مِن تعبِهِمَا ومرضهِمَا والسعيِ عليهِمَا أو الانشغالِ بهمَا ؛ وهذا هو الواقعُ الأليمُ. روي أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ، فَقَالَ: ”إِنَّ لِي أُمًّا بَلَغَ بِهَا الْكِبَرُ، أَنَّهَا لَا تَقْضِي حَاجَتَهَا إِلَّا وَظَهْرِي لَهَا مَطِيَّةٌ، أُوَضِّئُهَا، وَأَصْرِفُ وَجْهِي عَنْهَا، فَهَلْ أَدَّيْتُ حَقَّهَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ حَمَلْتُهَا عَلَى ظَهْرِي، وَحَبَسْتُ عَلَيْهَا نَفْسِي؟ قَالَ: إِنَّهَا كَانَتْ تَصْنَعُ ذَلِكَ بِكَ وَهِيَ تَتَمَنَّى بَقَاءَكَ، وَأَنْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ وَأَنْتَ تَتَمَنَّى فِرَاقَهَا “. (البر والصلة لابن الجوزي).

وحسنُ العشرةِ مع الوالدينِ لا ينقطعُ بموتِهِمَا، بل يمتدُّ لهمَا ما دمتَ حيًّا تُرزق، وذلك بالدعاءِ والصدقةِ لهمَا.

ومنها: حسنُ العشرةِ بينَ الأصدقاءِ: فبعضُ الناسِ يكونُ لهُ صديقٌ إمَّا في تجارةٍ، أو دراسةٍ، أو في عملِ، أو غيرِ ذلك، فإذا ارتَفَعَ في دنياهُ إمَّا بحصولِهِ على مَنصِبٍ عالٍ، أو أصبَحَ مِن أصحابِ الأموالِ الطائلةِ، أو غيرِ ذلك، ترفَّعَ عن أصدقائهِ، ولم يُظهِرْ لهم الوُدَّ السابقَ، وكأنَّه لا يعرفُهُم قبلَ ذلك، وهذا ليس مِن الوَفاءِ، بل مِن التنكُّرِ للجميلِ، وليس مِن شِيَمِ الرِّجالِ ولا مِن أخلاقِهِم!!

ومنها: حسنُ العشرةِ وحفظُ الجميلِ بينَ الأقاربِ: فها هو النبيُّ ﷺ يردُّ الجميلَ لعمهِ أبي طالبٍ الذي تكفَّلَ بتربيتهِ بعدَ وفاةِ جدهِ عبدِ المطلبِ، فلا ينسَى له ذلك، فحينمَا تزوجَ السيدةَ خديجةَ رضي اللهُ عنه يأخذُ ابنَ عمِّهِ عليًّا في كنفهِ ورعايتهِ ردًا لجميلِ عمِّهِ ومساعدةً لهُ. وحينمَا حضرتْ الوفاةُ عمَّهُ أبَا طالبٍ كان ﷺ حريصًا على أنْ يموتَ على الإسلامِ، فأبَى إلّا أنْ يكونَ آخرُ كلامهِ على ملةِ عبدِالمطلبِ. فحزنَ ﷺ عليهِ حزنًا شديدًا، ودعَا اللهَ أنْ يخففَ عنه العذابَ. فعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: “نَعَمْ. هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ. وَلَوْلاَ أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ”. (البخاري).

 فهذه شفاعةٌ خاصةٌ لعمِّه الذي دافعَ عنهُ وحماهُ، وردًا للجميلِ، ولولا الكُفرُ لشفعَ له حتّى نجّاهُ مِن العَذَابِ. وهذه السيدةُ فاطمةُ بنتُ أسدٍ زوجةُ عمِّهِ أبي طالبٍ، التي تربَّى ﷺ في بيتِهَا، عندَ وفاتِهَا يدخلُ قبرَهَا ويضطجعُ فيهِ، ويلبسُهَا كسائَهُ ويقولُ: كنتِ أُمّي بعدَ أُمّي، ويدعٌو لهَا. ( انظر الحديث بتمامه عند الطبراني).

ومنها: حسنُ العشرةِ مع الدوابِّ والطيورِ: فهي مِن نعمِ اللهِ المسخرةِ للبشرِ، ويجبُ الرحمةُ بهَا وحسنُ العشرةِ لهذه الدوابِّ العجماءِ، وعدمُ التعرضِ لهَا بأذَى أو تعذيبٍ، فعن ابنِ مسعودٍ قال: كنَّا مع رسولِ اللهِ ﷺ في سفرٍ، فانطلقَ لحاجتِهِ، فرأينَا حُمَّرَةً ( عصفورة ) معهَا فرخان، فأخذنَا فرخيهَا، فجاءتْ الحمَّرةُ فجعلتْ تفرِّشُ، فجاءَ النبيُّ ﷺ فقال: ” مَن فجعَ هذهِ بولدِهَا؟ ردُّوا ولدَهَا إليهَا “. (أبو داود) .

ولا يخفَى عليكُم ما في الصحيحينِ أنَّ رجلًا رحمَ كلبًا يلهثُ مِن العطشِ، فسقاهُ، فرحمهُ اللهُ برحمتهِ للكلبِ فغفرَ لهُ، وعلى العكسِ مِن ذلك امرأةٌ دخلتْ النارَ لأنَّهَا عذبتْ هرةً ولم ترحمْهَا؛ لأنَّ هذه البهائمَ المعجمةَ ضعيفةٌ لا تستطيعُ الدفاعَ عن نفسِهَا، ولكنَّهَا بلسانِ حالِهَا تشكُو إلى ربِّهَا، كما قال عنترةُ بنُ شدادٍ عن الفَرَس: 

لو كان يدرِي ما المحاورةُ اشتكَى……… ولكان لو علمَ الكلامَ مكلِّمِي

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : حسن العشرة وحفظها

ثالثًا: حاجتُنَا إلى حسنِ العشرةِ وحفظِهَا.

إنّ حسنَ العشرةِ وحفظَهَا خُلُقٌ جليلٌ، بل هو مِن أخلاقِ الأوفياءِ الكِبارِ، الذين لا ينسونَ المعروفَ ولو طالَتْ بهم الأعمارُ ؛ فلا يزالُ الكريمُ أسيرًا لصاحبِ الجميلِ، يُظهرُ لهُ الوِدَّ ويُمطرُهُ بالثَّناءِ الجزيلِ .

وأما اللَّئيمُ فهو يتجافَى عن أصحابِ العطايَا الكبيرةِ، لأنَّه يظُنُّ أنَّهم إنَّما أحسنُوا إليهِ لمصالحِ الدُّنيا الحقيرةِ .

وصدقَ الشَّاعرُ:     إذا أنتَ أكْرَمتَ الكَريمَ مَلَكْتَهُ *** وَإنْ أنْتَ أكْرَمتَ اللَّئيمَ تَمَرَّدَا

فهناكَ أُناسٌ قد اصطفاهُم ربُّ العالمينَ، ليسَ لهم همٌّ إلَّا سعادةَ الآخرينَ، وليسَ لهم شُغلٌ إلّا مساعدةَ الآخرينَ، فهم لغيرِهِم بينَ سعادةٍ ومُساعدةٍ، لا يريدونَ مِن أحدٍ جزاءً ولا شُكورًا، وإنَّما يخافونَ مِن ربِّهم يومًا عبوسًا قمطريرًا، يضعونَ بينَ أعينِهم: ” اصْنَعِ الْمَعْرُوفَ إِلَى مِنْ هُوَ أَهْلُهُ، وَإِلَى مِنْ لَيْسَ أَهْلَهُ، فَإِنْ كَانَ أَهْلَهَ، فَهُوَ أَهْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلَهَ، فَأَنْتَ أَهْلُهُ ” . ولسانُ حالِ أحدِهم:

ازرعْ جميلًا ولو في غيرِ مَوضعهِ *** فَلا يضيعُ جميلٌ أينما زُرِعا

إنَّ الجميلَ وإن طالَ الزمانُ بهِ  *** فليسَ يَحصدُهُ إلا الذي زَرَعا

ولقد ضربَ النَّبيُّ ﷺ في حسنِ العشرةِ مِن المثالِ أجملَه، ومِن النصيبِ أكملَه، ومِن ردِّ الجميلِ أحسنَه وأعدلَه، ودلائلُ وفاءهِ ﷺ لا تنتهِي عندَ المواقفِ والأحداثِ التي كان يفِي فيهَا بمَا التزمَهُ، فقدْ شهدَ لهُ أعداؤُهُ بأنَّهُ يفِي بالعهودِ ولا يغدر، فحينَ لقَي هرقلُ أبَا سفيانَ، وكان أبو سفيانَ على عداوتهِ لمحمدٍ ﷺ، سألَ هرقلُ أبَا سفيانَ عن محمدٍ ﷺ عددًا مِن الأسئلةِ، كان مِمّا سألَهُ فيهِ قولُهُ: فهل يغدرُ؟. قال لا!

إنّنا بحاجةٍ ماسةٍ إلى خلقِ الوفاءِ وحفظِ الجميلِ، لكلِّ مَن لهُ علينَا معروف، والحذرُ مِن نكرانِ الجميلِ، فإنَّه خبثٌ في الطبعِ، وحمقٌ في العقلِ . قال بعضُ العقلاءِ: “تعلمُوا أنْ تنحتُوا المعروفَ على الصخرِ، وأنْ تكتبُوا آلامكُم على الرملِ، فإنَّ رياحَ المعروفِ تذهبُهَا!”. وهذه قصةٌ لطيفةٌ في هذا المضمونِ: والقصةُ تبدأُ عندمَا كان هناك صديقانِ يمشيانِ في الصحراءِ، خلالَ الرحلةِ تجادلَ الصديقانِ فضربَ أحدهُمَا الآخرَ على وجهِه. الرجلُ الذي ضُربَ على وجههِ تألمَ ولكنّه دونَ أنْ ينطقَ بكلمةٍ واحدةٍ، فكتبَ على الرمالِ: اليوم أعزُّ أصدقائِي ضربنِي على وجهِي. استمرَّ الصديقانِ في مشيهِمَا إلى أنْ وجدُوا واحةً فقررُوا أنْ يستحمّوا. الرجلُ الذي ضُربَ على وجههِ علقتْ قدمهُ في الرمالِ المتحركةِ وبدأِ في الغرقِ، ولكنْ صديقهُ أمسكَهُ وأنقذَهُ مِن الغرقِ. وبعدَ أنْ نجَا الصديقُ مِن الموتِ قام وكتبَ على قطعةٍ مِن الصخرِ: اليوم أعزُّ أصدقائِي أنقذَ حياتِي. الصديقُ الذي ضربَ صديقَهُ وأنقذَهُ مِن الموتِ سألَهُ: لماذا في المرةِ الأولَى عندما ضربتُكَ كتبتَ على الرمالِ، والآن عندما أنقذتُكَ كتبتَ على الصخرةِ؟! فأجابَ صديقُهُ: عندما يؤذِينَا أحدٌ علينَا أنْ نكتبَ ما فعلَهُ على الرمالِ، حيثُ رياح التسامحِ يمكنُ لها أنْ تمحيهَا، ولكن عندمَا يصنعُ أحدٌ معنَا معروفًا فعلينَا أنْ نكتبَ ما فعلَ معنَا على الصخرِ، حيث لا يوجدُ أيُّ نوعٍ مِن الرياحِ يمكنُ أنْ يمحوهَا.

فتعلمُوا أنْ تكتبُوا آلامَكُم على الرمالِ لتمُحَى، وأنْ تنحتُوا المعروفَ وحسنَ العشرةِ على الصخرِ ليُحفظَ الجميل؛ لأنَّ أقسَى شيءٍ على نفسِ الإنسانِ أنْ يُقابلَ جميلَهُ بالنكرانِ، ومعروفَهُ بالكفرانِ.

إنَّ حسنَ العشرةِ وحفظَهَا خُلقُ الكرامِ، بهِ يسعدُ الفردُ في الدنيا والآخرةِ، وبهِ يعيشُ المجتمعُ في أمنٍ وأمانٍ، والحبُّ والتراحمُ يسودُ بينَ أفرادِ المجتمعِ، وبه ينالُ المسلمُ رضَا ربِّهِ ويهنأُ بدخولِ جنتهِ.

نسألُ اللهَ أنْ يحسن أخلاقنا، وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ ،،،

الدعاء،،،،       وأقم الصلاة،،،،

 كتبه : خادم الدعوة الإسلامية  د / خالد بدير بدوي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »